قال: والصرم: النفر النازلون على ماء، وتجمع على أصرام، فأما الصرمة - بالهاء - فالقطعة من الإبل نحو الثلاثين عددا.
قال: وقوله: ((ما رزئناك)) ، أي: ما نقصناك، ولا أخذنا منك شيئا.
قلت: وفي الحديث معجزة عظيمة، وعلم من أعلام نبوة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتكثير الماء القليل ببركته، وإرواء العطاش منه، واستعمالهم وأخذهم منه في قربهم، من غير أن ينقص الماء المأخوذ منه شيئا، ولذلك قال المرآة:((ما رزئناك من مائك شيئا، وإنما سقانا الله - عز وجل -)) .
وفي رواية مسلم المشار إليها في هذا الحديث:((فأمر براويتها فأنيخت، فمج في العزلاوين العلياوين، ثم بعث براويتها فشربنا، ونحن أربعون رجلا عطاش حتى روينا، وملأنا كل قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا، غير أنا لم نسق بعيرا وهي تكاد تنضرج من الماء)) - يعني: المزادتين - وذكر بقية الحديث.
وإنما لم يستأذن المرآة أولا في الشرب من مائها والأخذ منه، لأن انتفاعهم إنما كان بالماء الذي أمده الله بالبركة، لم يكن من نفس مائها، ولذلك قال:((ما رزئناك من مائك شيئا، وإنما سقانا الله)) .
ونظير هذا: أن جابرا صنع للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طعاما يسيرا في عام الخندق، وجاء إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فساره بذلك، وقال له: تعال أنت في نفر