وذكر أبو بكر الخلال من أصحابنا: أنه لا يجوز التيمم في الحضر لشدة البرد، وهو مخالف لنص أحمد وسائر أصحابه.
وحكى ابن المنذر وغيره عن الحسن وعطاء: أنه إذا وجد الماء اغتسل به وأن
مات؛ لأنه واجد للماء، إنما أمر بالتيمم من لم يجد الماء.
ونقل أبو إسحاق الفزاري في ((كتاب السير)) عن سفيان نحو ذلك، وانه لا يتيمم لمجرد خوف البرد، وإنما يتيمم لمرض مخوف، أو لعدم الماء.
وينبغي أن يحمل كلام هؤلاء على ما إذا لم يخش الموت، بل أمكنه استعمال الماء المسخن وإن حصل له به بعض الضرر. وقد روي هذا المعنى صريحا عن الحسن
- أيضا -، وكذلك نقل أصحاب سفيان مذهبه في تصانيفهم، وحكوا أن سفيان ذكر أن الناس اجمعوا على ذلك.
وقد سبق الكلام في تفسير الآية، وان الله تعالى أذن في التيمم للمريض وللمسافر ولمن لم يجد الماء من أهل الأحداث مطلقا، فمن لم يجد الماء فالرخصة له محققة.
وأما المرض والسفر فهما مظنتان للرخصة في التيمم، فإن وجدت الحقيقة فيهما جاز التيمم، فالمرض مظنة لخشية التضرر باستعمال الماء، والسفر مظنة لعدم الماء، فإن وجد في المرض خشية التضرر وفي السفر عدم الماء جاز التيمم، وإلا فلا.