وأما من قال من الظاهرية ونحوهم: أن مطلق المرض يبيح التيمم سواء تضرر باستعمال الماء أو لم يتضرر، فقوله ساقط يخالف الإجماع قبله، وكان يلزمه أن يبيح التيمم في السفر مطلقا سواء وجد الماء أو لم يجده.
وقول البخاري:((إذا خاف على نفسه المرض أو الموت)) يشير إلى الرخصة في التيمم إذا خاف من شدة البرد على نفسه المرض، ولا يشترط خوف الموت خاصة، وهذا ظاهر مذهب أحمد، واحد قولي الشافعي.
والقول الثاني: لا يجوز التيمم إلا إذا خاف التلف، إما تلف النفس أو تلف عضو منه، وحكي رواية عن أحمد، وفي صحتها عنه نظر.
والحنيفية السمحة أوسع من ذلك، وخوف الموت أو المرض هو داخل في معنى المرض الذي أباح الله التيمم معه؛ لأنه إنما يباح التيمم لمرض يخشى منه زيادته أو التلف، فحيث خشي ذلك فقد وجد السبب المبيح للتيمم.
ولو كان في الغزو وهو يجد الماء لكنه يخشى على نفسه من العدو أن اشتغل بالطهارة، ففيه عن أحمد روايتان:
إحداهما: يتيمم ويصلي، اختارها أبو بكر عبد العزيز.
والثانية: يؤخر الصلاة إلى أن يقدر على الوضوء، كما أخر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصلوات يوم الخندق.
ولو احتاجت المرآة إلى الوضوء وكان الماء عنده فساق تخاف منهم على نفسها، فقال أحمد: لا يلزمها الوضوء. وتوقف مرة في ذلك.