للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال شيخ الإسلام: «فإن منهم ـ يقصد مفسري السلف ـ من يعبر عن الشيء بلازمه ونظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه» (١).

ومثاله تفسير قوله تعالى: {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: ٢]، قال قتادة، والضحاك: {مَسْطُورٍ}: مكتوب (٢).

وقوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: ٥]؛ أي: فتتت. [٧٨]

ورد ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وإسماعيل السدي، وأبي صالح (٣).

وكذا تفسيرهم للودود في مثل قوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: ١٤] بأنه المحب لأوليائه (٤).

٢ - التفسير باللازم:

• دلالة الالتزام هي أحد دلالات الألفاظ العقلية.

والمراد بها أن المعنى المستفاد لم يدل عليه اللفظ مباشرة، ولكن يلزم منه هذا المعنى المستفاد عقلاً أو عرفاً؛ كالكتابة تستلزم كاتباً.


= بَيْعِهِ. فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ خَسِرَ بِحِرْمَانِ اللهِ إِيَّاهُ رَحْمَتَهُ الَّتِي خَلَقَهَا لِعِبَادِهِ فِي الْقِيَامَةِ أَحْوَجَ مَا كَانَ إِلَى رَحْمَتِهِ، يُقَالُ مِنْهُ: خَسِرَ الرَّجُلُ يَخْسَرُ خَسْراً وَخُسْرَاناً وَخَسَاراً، كَمَا قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَطِيَّةَ:
إِنَّ سَلِيطاً فِي الْخَسَارِ إِنَّهْ
أَوْلاَدُ قَوْمٍ خُلِقُوا أَقِنَّهْ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ فِي الْخَسَارِ: أَيْ فِيمَا يُوكِسُهُمْ حُظُوظَهُمْ مِنَ الشَّرَفِ وَالْكَرَمِ. وقَدْ قِيلَ: إَنَّ مَعْنَى: {... أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: ٢٧] أُولَئِكَ هُمُ الْهَالِكُونَ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَائِلُ ذَلِكَ أَرَادَ مَا قُلْنَا مِنْ هَلاَكِ الَّذِي وَصَفَ اللهُ صِفَتَهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ بِهَا فِي هَذِهِ الايَةِ بِحِرْمَانِ اللهِ إِيَّاهُ مَا حَرَمَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ بِمَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ وَكُفْرِهِ بِهِ. فَحَمَلَ تَاوِيلَ الْكَلاَمِ عَلَى مَعْنَاهُ دُونَ الْبَيَانِ عَنْ تَاوِيلِ عَيْنِ الْكَلِمَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّ أَهْلَ التَّاوِيلِ رُبَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ».
(١) «مقدمة في أصول التفسير» (ص١٠٤).
(٢) «تفسير الطبري» (٢٧/ ١٦).
(٣) «تفسير الطبري» (٢٧/ ١٦٨).
(٤) انظر: «التبيان في أقسام القرآن» (ص٦٠).

<<  <   >  >>