كانت المهرجانات الخطابية لمصالي تتعدد بالفعل في العاصمة الفرنسية بمشاركة بومنجل طبعا، الذي بدأت هالة البطل الوطني تصبغ عليه.
نعم أفهم كل هذا، وبخاصة أنني وعلي بن أحمد وبن ساعي كنا ندرك الأمر في تلك الحقبة ونحن نرى الخطر الذي تمثله وطنية المنصات هذه التي يغيب فيها كل انشغال ذي طابع اجتماعي. وقد أثرت انتباه بوقادوم الذي ترك مقاعد الدراسة ليفتح محل مقهى ومطعم (وطني)، إذ قلت له:
- إن من الصعوبة الجمة أن تكون رجلا واحدا من أن تدهش آلاف المستمعين وتجذب اهتمامهم بالخطب الوطنية.
بيد أن الطريق قد خططت: فالمثقف الجزائري لم يتطلع للظفر بمنصب نائب الوالي فحسب بل يسعى لدور يدر ربحا كذلك هو دور (الوطني) (Nationaliste).
في نهجنا، كل بشيء عرضة للخسارة مع شعب لا يفهم المواقف المثيرة ومع إدارة استعمارية تعرف بالمقابل كيف تقدر الخطورة الفعلية للأمور. من الممكن، في النهج (الوطني) أن نظفر على الأقل بشهرة أو بمطعم. واختار بوقادوم ومعه ثلة من الشباب نهح الوطنية في هذا العام، وهم الذين سعيت لأبقيهم في خطنا المبهم. وأنا أتفهم الأمر.
لم أقطع الصلة أيضا بمصالي الذي كنت أراه أقل خطورة، رغم كل شيء، مقارنة بقيم الشهرة والرياء التي كانت تحرك (البوليتيك) الجزائري في قسنطينة. وبقي كبير الوطنيين من جهته يكن لي بعض