ما إن وصل وفد المؤتمر إلى باريس حتى قمنا بالطبع بزيارة أعضائه، أنا وبن ساعي.
نزل الوفد ومن ضمن أعضائه (العلماء)، في الفندق الكبير. تأسفت لممثلي الإصلاح وللكرامة الدينية في الإصلاح، فهذا الفندق لا يمكن أن يناسبـ (رجال سياسة) جديين ولكنه يواتي أمثال بن جلول وفرحات عباس وحتى مصالي ربما. غير أنه لا يناسب إنسانا يمثل كرامة دينية ... ويفهمني القارئ. ولم أغفل أن أعبر بصراحة عن عتابي لابن باديس الذي صادفته في بهو الفندق محاطا بالعقبي والإبراهيمي وشخصيات أخرى كالمحامي المعمم خفيف الروح الأستاذ بلقاضي، رحمه الله. وكان هذا المحامى هو الذي حاول إقناعى بالضرورة البروتوكولية لنزول الوفد بالفندق الكبير. فحتى محاميا من الأهالي لا يدرك مرامي وخفايا بروتوكول يفرض أن مكانا تنزل فيه فاتنات وغانيات ومن رواده أصحاب الملايين، لا يصلح أن يكون مكانا ل (عالم)، أو قسيس أو حتى رجل سياسة جدي.
كما صدمتني جميع التفاصيل. ففي مدخل الفندق استقبلنا أنا وبن ساعي من قبل الشيخ عبد الرحمان يعلاوي الذي كان يمثل جمعية العلماء بطريقة ذكية، ولا يزال يمثلهم اليوم رسميا. فالشيخ المحترم تلقانا مبتسما مادا يده للمصافحة ليخبرنا بكل برودة أن الوفد في زيارة للمدينة حيث سيلتقي أعضاء من البرلمان الفرنسي. وقد اكتسبنا بن ساعي وأنا، وأخص نفسي أكثر بالمزية، حاسة تمكننا من استشعار رجال ماسينيون. وبما أن المستشار التقني