للحكومة الفرنسية المكلف بالشؤون الإسلامية، لا يمكن أن يبقى غير مكترث بوجود الوفد في باريس فأدركت أن الاتصال به غير مرغوب فيه لدى (السلطات العليا). وبناء عليه، قررت مع ذلك أن أدخل الفندق لأتحقق بنفسي من الأمر ... وبهذا الإصرار استطعنا أن نشاهد جماعة (العلماء) التي كانت تهمنا دون سواها في الفندق. وقد أحسست بأن ملاحظاتي كانت تحرج ابن باديس كثيرا دون أن ينبس بكلمة. فكان هو الذي دفع ثمن محادثتنا إذ اختفى العقبي دون أن أدري أين؟ بينما جلس الإبراهيمي بحذر منزويا عن جماعتنا. ثم ظهر لنا بن جلول، وبعد تحية عابرة ذهب ليجلس بعيدا ليرتشف مشروبا كحوليا بصحبة مندوبة جميلة، تم انتدابها على الأرجح خصيصا لدى رئيس (الوفد الأهلي)، كما يمكن أن نتصور.
كان المشهد بائسا يثير الشفقة: فقد صاحبت الفاحشة والمشروبات الكحولية وفدا ضم الأعضاء البارزين للإصلاح الجزائري.
وأدركت من يومها أنه لا يرجى خير كثير من الأزهر والزيتونة وكلية الجزائر.
كما لم أكن متفقا على أي من المبادئ التي تأسس عليها تشكيل وفد الانديجين وسفره. وقلت ذلك للتو لمحدثي دون أن يخرج ابن باديس من صمته. وعبرت عن دهشتي بداية من تسليم رئاسة المؤتمر لبن جلول بينما بدا لي من الطبيعي أن تعود قيادته لجمعية (العلماء). وقد أجيبت بأن السبب هي اللغة الفرنسية التي يجهلها (العلماء). والواقع، وأنا أدرك الأمر أفضل اليوم، أن لرجل الزيتونة والأزهر رد فعل