للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

نسوي أمام المسؤولية الحقيقية. وقد أعطاني العربي التبسي والشيخ خير الدين الدليل القطعي، بعد إحدى عشرة سنة بعد ذلك، أثناء رمضان سنة ١٩٤٧ عندما كان علي أن أقدم للشرطة إما ضميري وإما حياتي. فقد أجمع الشيخان المحترمان أن أرضخ للشرطة بدل مقاومتها، وهذا ما تمليه علي مصلحتي، إلا أنها مصلحة تخيلها ضميران من الأهالي. لا نستبق الأمر، إذ سأعود للحادثة في الجزء الثالث من هذا العرض.

مهما يكن، فقد كبرت أربعا على (العلماء) وأقمت عليهم الحداد منذ سنة ١٩٣٦ هذه، واعتبرتهم أعجز من فهم فكرة ناهيك عن تصورها وتنفيذها.

كما أن ابن باديس الذي بقي بباريس بعض الأسابيع بعد أن غير الفندق الذي نزل به أول مرة (مما يدل على أن انتقاداتي أتت أكلها)، كان يقضي أمسياته بمقهى الهقار أين كان يلتقي بن ساعي) (١). وكان يعرض وقتها الفيلم المشهور (نداء الصمت، L'appel du silence) الذي أثار حماس جميع الباريسيين التواقين لمشاهدة الذكرى القوية للأب دو فوكو. وذات مساء طرقت فكرة مخيلة بن ساعي، وهي فكرة


(١) بقي محمد بن ساعي يكن كل المحبة والتقدير للشيخ عبدالحميد بن باديس. وطوال حياته البائسة التي قضاها بباتنة لم ينشر بن ساعي إلا كتيبا صغيرا صدر سنة ١٩٨٧ تحت عنوان: (في سبيل عقيدتي - au service de ma foi)، وقد خصصه للإمام بن باديس تقريبا حيث امتدحه كثيرا, وبغض النظر عن الانتقادات التي وجهها له، قد اتخذ بن نبي الموقف نفسه إزاء الأستاذ الإمام إذ لم تفته فرصة إلا وكال له المدح والاحترام الكبير. (المترجم).