كان فريقنا وحده هو القادر على تصورها وفهمها، وتتمثل في دعوة بن باديس لمشاهدة الفيلم الكبير , وكانت نية صديقي هي إعطاء الزعيم الإسلامي درسا ولكن بطريقة خفية، حول مفهوم المهمة والرسالة , فكان ما يحيرنا أنا وأصدقائي هو بالضبط الفتور الكبير لزعماء الإصلاح الجزائري الذين كانوا ينتظرون قدوم العامة إليهم حتى كراسيهم، عوض نقل الكلمة الطيبة حتى في أكثر أماكن لهو هذه العامة مجونا وفسادا. وقد قدر بن ساعي أن الدرس كان ضروريا للشيخ بن باديس للاعتبار. بيد أن هذا الأخير كان مدعوا في ذلك المساء وفي ذات الوقت المخصص لعرض الفيلم من طرف صاحب مقهى الهقار الذي اقترح عليه فيلما آخر موضوعه تسلية خالصة. والفرق هو أن مالك الهقار يمتلك سيارة بينما ليس لبن ساعي سوى فكرة.
وظفرت السيارة بالشيخ ابن باديس.
ويمكن أن يدرك الأثر النفسي، علي وعلى بن ساعي، الذي تركه الموقف الغريب للشيخ بن باديس، رحمه الله، غير أن الشيخ الموقر خصنا بمفاجأة أخرى. فعوض أن يتوجه إلينا (وخاصة أنا الذي حملت لواء (العلماء) بباريس واقترحت اسم رئيسهم للرئاسة الشرفية لجمعية الطلبة الجزائريين زمن المرحوم نارون)، قام الشيخ بإسناد مصالح جمعية (العلماء) بباريس للشيخ الورتيلاني الذي كان ربما نجمه يسطع في صنعاء أو القاهرة حيث يمكن للكلمات البراقة والمفخمة أن تقوم مقام الأفكار ولكنها تعجز عن ذلك في بلد غربي يفرض ليس فقط معرفة دقيقة بخصوصياته ولكن يتطلب أفكارا