والدري بسبب يتيم آويته من الطريق، ختن من مدة قصيرة وترك لحاله دون علاج، وكان مصابا بالحمى. فقررت مع زوجتي أن نبقيه معنا في المنزل حتى يشفى نهائيا. غير أن زوجة أبي، لأن أبي، وهو من طينة الأهالي- الاندجين، تزوج ثانية بـ (مسلمة) خليقة بأن تكون شقيقة للعربي التبسي، رأت خلاف ذلك. وقد عملت ما في وسعها حتى قام أبي - غفر الله له بسبب براءته - بطرد الصبي. ومن هنا نشأ الخلاف بيننا. وعوض أن يقوم ممثل الإسلام، أقصد الشيخ العربي بإصلاح ذات البين بين الوالد وولده، حسب تعاليم الدين نفسها بل وحتى العمل من أجل إنقاذ اليتيم الصغير الذي ذهب ضحية هذه الخصومة، فإن الشيخ الأزهري والزيتوني لم يكن له من النوايا سوى استغلالها ضدي. وكان يقول بصوت خافت لمن حوله وهو يجمع مبرراته من الخزي والعار:
- إن مالكا ابن ملعون لوالده!
هذا ما وجد الشيخ الموقر في الأخلاق المقدسة للإسلام. ومن يومها، أصبحت استفظع ثقافة الأزهر والزيتونة التي تقتل الضمائر والأرواح واعتبرها أسوأ كارثة يمكن أن تهدد العالم الإسلامي. وحتى يعيش الإسلام أو يبعث من جديد في الضمائر، يجب تخليصه مما يسمى اليوم (الثقافة الإسلامية)، هذه الثقافة التي تلوث الأرواح وتذل الطبائع وتضعف الضمائر وتخنث الفضائل.
وعندي اليوم هذه القناعة أكثر من أي وقت مضى. وليس من قبيل الصدفة أن رجلا كحسن البنا ليس في تكوينه شيء يدين به للأزهر أو للزيتونة.