تحدث مطولا عن مآسي اليهود. شعرت أن من واجبي أن أنتهز الفرصة لأتحدث عن الممسلمين. من بين النساء اللواتي حضرن، هناك من بكين خلال كلمتي. سارع لوكاش وعانقني. فهمت معنى هذه المعانقة. وتقدم مني يهودي آخر بينما كنت أرد على أسئلة بعض المستمعين المتلهفين لبعض التوضيحات، وقالت لي:
- تعلمون أن الذوق الفرنسي مرهف ولا يجب بالتالي نقده بعرض كل الحقيقة.
أدركت أن صاحبنا أزعجه الاهتمام الذي أثاره العرض الذي تقدمت به وكان غرضه هو إضعاف هذا الاهتمام بمدح (الذوق الفرنسي) ونقد ذوقي السيء.
علاوة على أن (المنظمات الديمقراطية) لم تر فينا شركاء ولكن مجرد مرتزقة للأيام التي تحصل فيها مشاجرة مع (الزمر العنصرية). (١) ولما خيبهم موقفي، لم نعد نرى بعضنا بعضا.
وهكذا وجدث نفسي مركزا على الموضوع الدقيق الذي عملت على اقتراحه وهو التربية. فوضعت الإصبع على الجرح.
كان المسلمون يعيشون أو قل يخملون بمرسيليا في غفلة تامة وغياب وعي كامل بأنفسهم وبكل ما يحيط بهم. فكانوا يبدون في عيني، أنا المتلهف للأحاسيس المعبرة، أكثر المشاهد إثارة للشفقة لقطيع بشري يدعو للرثاء. رأيت سودا وهم مهذبون ومؤدبون ولهم
(١) لا تزال الجالية العربية والمسلمة في فرنسا تجند وتستعمل من طرف بعض المنظمات المرتبطة بقوى اليسار وتدمج في الصراع ضد عدوها المدرج فيما يسمى اليمين المتطرف. (المترجم).