للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

كرامة في الشوارع التي يرتادونها. المسلمون يتكدسون أولا في نفس الشارع - شارع شابولييه Chapeliers- ذي الصيت السيئ وفيه يعيدون تشكيل إطار الحياة الجزائرية برمتها وبكل ما لها من بشاعة وإثارة للسخرية, السود يتخلصون من الأدغال ومن ذهنية الأدغال عندما يصلون مرسيليا. أما المسلمون فيعمدون إلى نقل كل إشكال (الطباع الطريفة للأهالي) وإسقاطها في الإطار الجديد. فترى في شارع شابولييه مقاهي عربية ومعها لعبة الدومينو التي لا تغيب، ومنضدة عليها مغلاة يتصاعد منها دخان. ثم تجد بعدها مطعما حقيرا وعنزة مسلوخة مغطاة بالذباب معلقه على بابه. وعلى قارعة الطريق سوقا فوضوية يباع فيها بالمزاد كل ما هو مريب، وقذر، وغامض ومثير للشبهة، وممزق. ويريد أكثرهم حكمة، الابتعاد على ما يبدو، من هذا الجو الصاخب، إلا أنهم لا ينأون بعيدا فرادى أو جماعات صغيرة. إنهم يبتعدون بعض الخطوات إلى ساحة إيكس وينتظمون هناك قطعا كالذباب ويتكدسون للجلوس على طريقة الأهالي. الأجنبي الذي يمر بمحاذاة شارع شابولييه أو ساحة إيكس يتوقف لتأمل أفضل مشاهد (الأهالي) أصالة. أما سكان مرسيليا الذين ملوا ربما المشهد منذ مدة، فكانوا بكل بساطة يديرون رؤوسهم ويحملون الانطباعات التي أتخيلها للأسف. وبالطبع، لا ترى أبدا امرأة مرسيلية تخاطر وتدخل شارع شابولييه.

بيد أن هذا المشهد الذي شكل كابوسي كان بالضبط، هو مادتي في العمل لأني كنت أدرك إلى أية غاية تسعى لها الإدارة في الواقع