لاعتناق المسيحية وحسب بل بالعكس، يشكل (خطرا) على الشبان النصارى الذي كنت أحتك بهم إذ كنت اكشف لهم عن إسلام لا علاقة له بإسلام الأندجين (الأهالي)، الذي كان يصل أسماعهم. وبالتخلص من كماشة الانديجينا في هذا النادي المسيحي، بدأت أهتم بالمسائل الدينية وهو الاهتمام الذي كان نقطة ضعف الشباب المسلم ولا يزال.
ومن جانب آخر، فإني سأحمل شعلة حماسي الفياض الذي اتقد في هذا النادي إلى الحي اللاتيني حيث تحولت العصبة الجزائرية من المؤامرة (السياسية) إلى دسائس الغراميات في غياب وعي تام عن الماضي والحاضر والمستقبل.
ويبدو لي أني اكتسبت وعيا بعيوب العالم الإسلامي ما بعد الموحدين بفضل دور الداعية هذا. الذي اضطلعت به بين جنسين وعقليتين وشبابين مختلفتين. لقد كان الشبان المسيحيون الذين كنت أعاشرهم غاية في الطيبة، وكانوا أخلاقيا وفكريا أكثر غنى من الأهالي وبخاصة الجزائريين ممن كنت ألتقي في الحي اللاتيني. ومن بين جميع إخواني في الدين لم يكن لدي غير صديق حميم واحد، موضع ثقتي، أطلعه على أفكاري وتأملاتي هو محمد بن ساعي الذي كان يقاسمني المرارة والحسرة. وازداد الفريق الذي كنا نشكله نحن الاثنان قبل أن ينضم إلينا شقيقه صالح بعد قدومه باريس، عزلة عن الآخرين.
وكان (سور الصين) الذين ضربناه على أنفسنا يحمينا من تلوث مواطنينا. ثم أصبح السياج بعد ذلك مرهقا إلى درجة أن صالح