للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

بن ساعي أحدث فيه في أحد الأيام ثفرة للفرار منه بعد مشادة مع أخيه الذي أصبح طبعه حادا وبدأ يعاني من اضطرابات عقدة الاضطهاد. غير أن هذا السور الذي كانت تجري خلفه حياتنا التي يسمها الاجتهاد ويطبعها التأمل، لم تكن إلا لتثير شكوك الإدارة حول الغموض الذي كان يلف حياتنا، وتبلغ عنا بصفتنا (أشخاص خطرين). ويجب القول، والحال هذه، أن الخطر كان من جانب الإدارة الاستعمارية حقيقيا.

فقد كانت هذه الإدارة تسعى لتقسيم طلبة الشمال الإفريقي وتضع كل جماعة في مكان معين. غير أنني وبن ساعي أحبطنا جميع محاولات موفق الذي كان يدعو للجزأرة (l'algérianisme) وكان يثير، في كل لحظة وآن، حوادث مع التونسيين بقيادة نارون. هذا الأخير كان بدوره يبشر بمذهب الغودينية (le godinisme)، في وقت -كان فيه لغودان (Godin) محل مشهور بشارع لوكونت، وهي منطقة تبدو وكأنها بلدية مختلطة منقولة من الجزائر إلى باريس، وفي وقت كان فيه بومنجل ينشر فيه اشتراكية بلوم (Blum) وينشر طاهرات النزعة القبائلية. ومن جانبي، فقد شاركت بفاعلية في المعركة التي دارت حول كتابـ (Lettres Algériennes) (رسائل جزائرية) لصاحبها لحمق الذي ابتكر هذه الفكرة سعيا وراء منصب نائب الوالي. وبصحبة المرحوم بن عبد الله، الذي كانت نهايته مأساوية بمدينة البليدة حيث كان يشتغل محاميا، كنا نشكل بباريس أصداء لحملة الأمين العمودي من خلال جريدة (La Défense) (الدفاع)