للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

التي، وإن لم يكتب لها النجاح، فقد نغصت عيش اللاهثين وراء منصب نائب الوالي.

وهكذا فقد كانت الذبابة الصغيرة تفيض حيوية ولكنها غير واعية بالأخطار، تخرق كل مرة بجناحيها البريئين نسيج بيت العنكبوت.

لم أختم سنتي الأولى لوجودي بباريس حتى أصبحت إذن (متآمرا).

كان بباريس طالب سوري هو اليوم، فيما أعتقد، مندوب بلاده بالأمم المتحدة، اسمه فريد زين الدين، قدم فرنسا لإعداد دكتوراه في القانون من جامعة السربون. لقد كان ذا قيمة، بل قل قيمة كبيرة إذ جمع في شخصه سمو الثقافة وشهامة الرجولة. وأظنه من حملة السلاح إلى جانب سلطان باشا الأطرش خلال الانتفاضة المشهورة للدروز سنة ١٩٢٤. كما أن له صلة قرابة بالمهاجر الفاضل الراحل شكيب أرسلان الذي كان يعيش وقتها بجنيف. فهل هذه الصلة القوية المعززة بفكرة شخصية هي التي أوحت لفريد زين الدين إنشاء (جمعية الجامعة العربية) (l'Association de la Ligue Arabe) بمساعدة مصري قبطي؟ كان هذا ما في الأمر. والمفارقة هي الإعلان عن الطابع السري للمنظمة أثناء الاجتماع التحضيري الذي نظم بمقهى في أعالي سان ميشال. والمصيبة أني كنت من أعضاء هذه المنظمة ممثلا عن الجزائر والتي كان فريد صليب، القبطي المصري يسيرها بكل اقتدار. هآنذا أحيط شخصيتي بلغز جديد. فبعد أن كنت (منظر وحدة شمال إفريقيا) و (الداعية الإسلامي) في اتحاد الشبان المسيحيين والمناضل في سبيل الوحدة الإسلامية في الحي اللاتيني، أصبحت متآمرا أدعو للوحدة العربية! لقد طفح الكيل!