للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ما هو أول هذا الأمر]

٣٤ - وفي " الصّحيحيِن " عن عِمران بن حصينٍ - رضي اللَّه عنه - قال: قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسَلَّم:

«اقْبلوا البشْرى يا بني تميمٍ ".

قالوا: قد بشرتنا فأعطِنا.

قال: " اقبلوا البشرى يا أهل اليمنِ ".

قالوا: قد قبِلنا فأخْبِرنا عن أول هذا الأمر.

قال: " كان اللَّه قبل كلِّ شيءٍ وكان عرشه على الماءِ وكتب في اللوحِ المحفوظِ ذِكر كل شيء ".

قال: فأتاني آتٍ فقال: يا عِمران! انْحلتْ ناقتك من عِقالِها.

قال: فخرجت في أثرِها فلا أدري ما كان بعدي.»

ــ

٣٤ - رواه البخاري بدء الخلق (٦ / ٢٨٦) (رقم ٣١٩٠، ٣١٩١) والتوحيد (١٣ / ٤٠٣) (رقم: ٧٤١٨) .

أورد الحديث ابن كثير في " تفسيره " (٢ / ٤٣٧) ، وقال: " هذا حديث مخرج في " الصحيحين ": البخاري، ومسلم بألفاظ كثيرة. . . ".

قلت: لم أجده في " صحيح مسلم ".

اقبلوا البشرى: أي: اقبلوا مني ما يقتضي أن تبشروا إذا أخذتم به الجَنَّة كالفقه في الدين والعمل به. . " الفتح" (٦ / ٢٨٨) .

وفي الحديث دلالة على أنه لم يكن شيء غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما؛ لأن كل ذلك غير اللَّه سبحانه وتعالى.

وقوله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} معناه: أنه خلق الماء سابقا ثم خلق العرش على الماء، وروى مسلم من حديث عبد اللَّه بن عمرو مرفوعا: «إِن اللَّه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» (١) وقوله {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} إشارة إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل السماوات والأرض ولم يكن تحت العرش إذ ذاك إِلا الماء. . .

وقد روى أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا: «أن الماء خلق قبل العرش» (٢) وأما ما رواه أحمد والترمذي وصححه من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا: «أول ما خلق اللَّه القلم ثم قال له: اكتب فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة» (٣) فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إِلى ما عدا الماء والعريق أو بالنسبة إِلى ما منه صدر من الكتابة أي: قيل له: اكتب أول ما خلق. . . " الفتح " (٦ / ٢٨٩) .


(١) رواه مسلم (٢٦٥٣) .
(٢) رواه أحمد (٤ / ١١ و ١٢) ، وابن ماجه (١٨٢) ، والترمذي (٣١٠٩) . وسنده ضعيف؛ لجهالة وكيع بن عدس.
(٣) رواه الترمذي (٢١٥٥) و (٣٣١٩) ، وأحمد (٥ / ٣١٧) ، والطيالسي (٥٧٧) وابن أبي عاصم (١٠٧) ، والآجريّ (ص: ١٧٧) مِن طريقين يقوّي أحدهما الآخر.

<<  <   >  >>