* للعلماء في تفسير هذه الآية - آية الميثاق - مذهبان:
أحدهما: وهو مذهب جمهور المفسرين وعامة أهل الأثر: أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من صلبه وأصلاب أولاده وهم صور كالذر، وركب فيهم عقولاً تعقل بها ما يعرض عليها، وأخذ عليهم الميثاق بأنه ربهم المعبود، وحقه عليهم لازم، وأنهم عبيده المربوبون؛ فأقروا بذلك، ووقعت الشهادة عليهم به، ثم أخرجهم إلى الدنيا بفطرة مجبولة على مقتضى الميثاق ولازمه، وبعقل يقيم برهانه، ويجاهد دونه. وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه لمجيء الآثار الصحيحة عن الصحابة مرفوعة وموقوفة عليه. وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.
الثاني: أن المراد بهذا الإشهاد: هو فطر ذرية بني آدم على التوحيد مع الشهادة به - حالاً، لا مقالاً - بما ركب الله فيهم من العقول، وبما نصب لهم من عظيم خلقه، وغرائب صنعه، ودلائل وحدانيته التي تضطرهم اضطرار إلى العلم بأن للكون خالقاً لا يعبد إلا إياه.
قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي تعليقا على التفسيرين:
"قلت: ليس بين التفسيرين منافاة ولا مضادة ولا معارضة، فإن هذه المواثيق كلها ثابتة بالكتاب والسنة.
الأول: الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم حين أخرجهم من ظهر أبيهم آدم عليه السلام، وأشهدهم على أنفسهم (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى)(١)، وهو الذي قاله جمهور المفسرين رحمهم الله في هذه الآيات، وهو نص الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما.