- لو تركت الفطر ودواعيها لما كانت إلا عارفة بالله، وتوحيده، وأسمائه وصفاته المنبثق منها: وحدانية ألوهيته.
- فالمولى جل في علاه - قد فطر عباده منيبين إليه بالطاعة والتأله، ومعرضين عن تأله كل ما سواه.
- والفطر فيها كذلك: الإقرار بسعادة النفوس البشرية وشقاوتها، وجزائها بكسبها في غير هذه الدار؛ وأما تفصيل ذلك الجزاء، وبيان مراتب السعادة والشقاوة فلا تعلم إلا بالرسل.
- وبذلك شهدت فطر وعقول الموحدين: بأن الله أهل لأن يعبد، ولو لم يرسل بذلك الرسل، وينزل به الكتب.
- وعليه أصبحت الفطرة هي: بينة التوحيد وشاهده في أنفس الموحدين. فلا جرم أن الفطر يقتضي عبادة الفاطر، لا سيما إذا كان المبدأ منه، والمصير إليه. فهذا يحتم على المفطور: التفرغ لعبادة فاطره.
- وبهذا تكون الفطرة حجة مستقلة في بطلان الشرك، وذلك لسبق حجيتها: كافة الحجج الداحضة، والمعاذير الساقطة، والعلل العليلة التي يتشبث بها المشركون لتسويغ: افترائهم وإفكهم.
- والدليل على أن الفطرة تقتضي بذاتها الإسلام، والخروج عنه خلاف مقتضاها، هو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر للإسلام شرطاً مقتضياً له غيرها، وجعل ما دونه من الأديان والاعتقادات الباطلة من إحداث الأبوين - أو من يقوم مقامها في التربية والتنشئة -. والإجماع والآثار عن سلف الأمة وأئمتها لا تدل إلا على هذا القول الراجح في مقتضى الفطرة.
- ولا يلزم من تحرير مقتضى الفطرة أن يكون الطفل ساعة خروجه من