للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* مناقشة هادئة:

وكأني الآن ببعض الإخوة المخالفين في هذه المسألة يقول: يا أخي إن كل ما ذكرته خارج عن محل النزاع، والرسالة لم تحرر بعد موضع الخلاف. فمحل الخلاف بيننا ليس في الكافر الأصلي، وإنما هو فيمن نطق بالشهادتين مريداً للإسلام، ثم ألمت به مصيبة ما، فأراد الخلاص منها، فغرر به بعض أحبار الصوفية فوقع في علم من أعلام الشرك الأكبر جاهلاً بحرمته، وقاصداً للتقرب زلفى بين يدي الإله ..

والجواب:

أولاً: أرى من تحريركم موضع النزاع: موافقتكم، وإقراراكم لنا بأن من عبد غير الله جاهلاً من أهل الفترات الفاقدة للحجة والبرهان يكون مشركاً، ولا يعذر بجهله، وتخلف قصده. وهذا أمر مجمع عليه بين سلف الأمة وجمهرة العلماء.

قال إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: "بل أهل الفترة الذين لم تبلغهم الرسالة، والقرآن، وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع، ولا يستغفر لهم، وإنما اختلف أهل العلم في تعذيبهم" (١).

وقال ابن تيمية: "فاسم المشرك ثبت قبل الرسالة فإنه يشرك بربه، ويعدل به، ويجعل معه آلهة أخرى، ويجعل له أنداداً قبل الرسول" (٢)

وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله: "اعلم أولاً أن من لم يأته نذير في دار الدنيا؛ وكان كافراً حتى مات، اختلف العلماء فيه هل هو من أهل النار لكفره، أو هو معذور لأنه لم يأته نذير؟." (٣).


(١) عقيدة الموحدين - الرسالة السادسة /١٥١.
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٧: ٣٨).
(٣) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب/ ١٨٠.

<<  <   >  >>