للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: أنه سبب للعقاب، لكن هو متوقف على الشرط وهو الحجة قال تعالى: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) (١) فلولا إنقاذه لسقطوا، ومن كان واقفا على شفير فهلك، فهلاكه موقوف على سقوطه، بخلاف ما إذا بان وبعد عن ذلك فقد بعد عن الهلاك. فأصحابها كانوا قريبين إلى الهلاك والعذاب.

الثاني: أنهم مذمومون منقصون معيبون. فدرجتهم منخفضة بذلك ولابد؛ ولو قدر أنهم لم يعذبوا لا يستحقون ما يستحقه السليم من ذلك من كرامته أيضاً وثوابه. فهذه عقوبة بحرمان خير، وهي إحدى نوعي العقوبة" (٢) أ. هـ.

نعم إن من وقع في عبادة غير الله الواحد المتعال قد نقض حججاً وخرق مواثيقاً؛ ومن ثم لا يكون مسلماً ولا يدخل في عداد المسلمين. فإن كان فعله قبل بلوغ الخطاب وقيام الحجة فقد اتفقت كلمة العلماء على عقابه. فمنهم من حكم بخلوده في النيران لمخالفته لحجج الميثاق والفطرة والعقل ومقتضى الآيات الكونية. وهو وقول ضعيف مرجوح منابذ للأصول والنصوص. ومنهم من حكم ببطلان فعله وشنيع جرمه وأوجب عليه التوبة بعد البلاغ والبيان لمناقضته للحجج والمواثيق، وجعل عقوبته متمثلة في خروجه من عداد المسلمين، ولحوقه بعداد المشركين، وأن الجنة عليه حرام طالما ظل على حاله. وهذا الأخير هو المستقيم مع النصوص والأصول، فجماهير علماء الأمة اتفقوا على عقابه واختلفوا في درجته، ولم يقل أحد منهم بإسلامه.

* * *


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٠٣.
(٢) مجموع الفتاوى: (١١/ ٦٨٦).

<<  <   >  >>