للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال سبحانه وتعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) " (١) أ. هـ.

وقال القرطبي: "وبعث الرسل إزاحة لعذر الكفار" (٢) أ. هـ.

وهذا المعنى مستفيض ذكره في القرآن وهو أبلغ من ضوء الشمس في رابعة النهار على رؤوس الأعلام. وقد حكم المولى تبارك وتعالى على أهل الكتاب فضلا عن المشركين قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم: أهل فترة بقوله تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣).

قال ابن كثير: ... والمقصود أن الله بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم - على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان، فكانت النعمة به أتم النعمة، والحاجة إليه أمر عمم، فإن الفساد قد عم جميع البلاد، والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد إلا قليلاً من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء ... ثم إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من بني إسرائيل ... رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي من غير وجه ...

فكان الدين قد التبس على أهل الأرض كلهم حتى بعث الله محمداً، - صلى الله عليه ويلم - فهدى الخلائق، وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور، وتركهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء. ولهذا قال - تعالى -: (أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ). أي: لئلا تحتجوا وتقولوا يا أيها الذين بدلوا دينهم وغيروه: ما جاءنا من رسول يبشر بالخير وينذر من الشر، فقد جاءكم بشير ونذير يعني محمداً - صلى الله عليه وسلم - (٤) أ. هـ.


(١) صحيح مسلم بشرح النووي (١٠/ ١٣٢).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ٢٩٣).
(٣) سورة المائدة، الآية: ١٩.
(٤) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٦٦: ٦٧).

<<  <   >  >>