وقال الإمام القاسمي:"ولولا أن تصيبهم مصيبة "أي: عقوبة "بما قدمت أيديهم" أي من الكفر والفساد. (فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي: بها.
وجواب (لولا) الأولى محذوف ثقة بدلالة الحال عليه. أي: ما أرسلناك لكن قولهم هذا عند عقوبتهم محقق. ولذا أرسلناك قطعاً لمعاذيرهم" (١) أ. هـ.
وهذا من آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد: ثبوت وصف الشرك لمن عبد غير الله تعالى وإن كان جاهلاً ولم تقم عليه حجة البلاغ؛ لمخالفته للعلوم الضرورية التي فطره فاطره عليها، وركز في عقله حسنها ووجوبها وبرهانها وقامت الآيات الكونية ناطقة بصحتها، وشاهدة ببطلان ضدها.
فتلك المسألة قد التأم شمل الأدلة عليها، ووقع عليها أعلام الموقعين عن رب العالمين.
فاسم الشرك ثبت قبل الرسالة لمن عبد غير الله، وعدل به غيره، وجعل له أندادا؛ إلا أن الله العلي الكبير لكمال رحمته وحبه العذر وقف العذاب عليه حتى إيتان النذير وبلوغ الرسالة.
فإرسال الرسل مبشرين ومنذرين إزاحة لعلل الكفار والمشركين، وقطعاً لمعاذيرهم وحججهم، إذا حل بهم بأس المنتقم الجبار، أو أتاهم عذابه الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
قال الإمام الشنقيطي: "اعلم أولاً: أن من لم يأته نذير في دار الدنيا وكان كافراً حتى مات، اختلف العلماء فيه:
هل هو من أهل النار لكفره، أو هو معذور لأنه لم يأته نذير؟ كما أشار له في مراقي السعود بقوله: