مع طمأنية القلب بالإيمان لعدم ارتباط الظاهر بالباطن لديهم، انطلاقاً من قولهم الفاسد في الإيمان أنه: مجرد الاعتقاد والتصديق دون الإقرار والقبول والانقياد المتمثل في: قول اللسان، وعمل القلب والجوارح، ومن ثم أصبحت كافة دلالات الكفر لديهم غير مؤثرة سلباً في الإيمان، ولا حتى التصريح بالكفر والإلحاد لأن اللسان قد يخبر بغير ما انطوى القلب عليه، إلا أن الشرع إذا حكم بالكفر على: قول، أو فعل، أو ترك حكموا بكفر من قام به في الظاهر دون الباطن، وفوضوا أمره في الآخرة إلى علام الغيوب، فلو كان مصدقا في الباطن نجا، وإلا هلك.
وأما الذين قد تبنوا قول الجهمية اليوم في هذا الأمر - وورثوه وورّثوه - فقد قطعوا بالنجاة لفاعل الشرك الأكبر جاهلاً في الظاهر والباطن، وفي الدنيا والآخرة!! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
- وهناك من يقول: ليس لدينا باب إلى التكفير ألبتة، حتى نعلم القصد إليه وإرادة موجبة.
والجواب: لا بد في هذا المقام من التفريق بين إرادتين وقصدين:
فمن قال لا نحكم بالكفر حتى يقوم بصاحبه إرادة المعنى المؤثر فيه، مع قصد التلفظ به، أو فعله اختياراً. فهذا حق لا ريب فيه.
مثال لذلك: من قال: نحن نؤمن بالديمقراطية ظناً منه أنها مرادفة للشورى ومساوية لها. فهذا لا يكفر لعدم علمه بالمعنى المؤثر في الكفر لتلك اللفظة، ومن ثم عدم إرادة موجبه المتمثل في: حكم الشعب نفسه بنفسه وتنحية شرع الله، ورفض حكمه وقضائه.
وأما من قالها مع إدراكه لمعناها فهذا يكفر، ولو لم يقصد الكفر لإرادته المعنى المؤثر فيه مع قصده للتلفظ بلفظه اختياراً.