للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) (١).

وأصل الدين الذي فطر الله عليه عباده. كما قال: "خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين، وحرّمت عليهم ما أحللت لهم. وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزِّل به سلطانا" فهو يجمع أصلين:

أحدهما: عبادة الله وحده لا شريك له، وإنما يُعبد بما أحبه وأمر به. وهذا هو المقصود الذي خلق الله له الخلق، وضده الشرك والبدع.

والثاني: حل الطيبات التي يستعان بها على المقصود. وهو الوسيلة، وضدها تحريم الحلال. والأول كثير في النصارى، والثاني - وهو تحريم الطيبات - كثير في اليهود، وهما جميعا في المشركين". (٢) أ. هـ.

وقال الحافظ رحمه الله: "ويؤيد المذهب الصحيحح - أي أن المراد بالفطرة هو الإسلام - أن قوله "فأبواه يهودانه الخ" ليس فيه لوجود الفطرة شرط، بل ذكر ما يمنع موجبها؛ كحصول اليهودية مثلاً متوقف على أشياء خارجة عن الفطرة، بخلاف الإسلام" (٣) أ. هـ.

وقال ابن القيم: "وإن كان المراد بهذا القول (٤) ما قاله طائفة من العلماء، أن المراد أنهم ولدوا على الفطرة السليمة التي لو تركت مع صحتها لاختارت المعرفة على الإنكار، والإيمان على الكفر، ولكن بما عرض لها من الفساد خرجت عن هذه الفطرة، فهذا القول قد يقال: لا يرد عليه ما يرد على القول


(١) سورة المؤمنون، الآيات: ٥١ - ٥٣.
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٥٤: ٤٥٥).
(٣) فتح الباري (٣/ ٢٩٤).
(٤) أي أن: كل مولود يولد على السلامة: خلقة وطبعاً وبنية ليس معها كفر ولا إيمان. وهو أحد الأقوال في تعريف الفطرة.

<<  <   >  >>