للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكة اثنا عشر ميلًا فحمل إلى مكة فدفن فيها، فلمّا قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت:

وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا

فلما تفرَّقنا كأني ومالكًا لطولِ ... اجتماع لم نبت ليلة معا

ثم قالت: "والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت، ولو شهدتك ما زرتك".

أخرجه ابن أبي شيبة (١)، واستدركه الهيثمي فأورده في "المجمع" (٢)، وقال: "ورواه الطبراني في "الكبير" ورجاله رجال الصحيح"، فوهم في الاستدارك لإخراج الترمذي له، ورجاله رجال الشيخين، لكن ابن جريج مدلس وقد عنعنه، فهو علة الحديث.

ومع ذلك فقد ادعى ابن القيم (٣) أنه: "المحفوظ مع ما فيه"، كذا قال؛ بل هو منكر لما ذكرنا؛ ولأنه مخالف لرواية يزيد بن حميد -وهو ثقة ثبت- عن أبي مليكة، ووجه المخالفة ظاهرة من قولها: "ولو شهدتك ما زرتك"؛ فإنه صريح في أن سبب الزيارة إنما هو عدم شهودها وفاته، فلو شهدت ما زارت، بينما حديث ابن حميد صريح في أنها زارت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بزيارة القبور، فحديثه هو المحفوظ، خلاف ما ذهب إليه ابن القيم -رحمه الله-، وأما ما ذكره من تأول عائشة فهو محتمل، ولكن الاحتمال الآخر وهو أنها زارت بتوقيف منه - صلى الله عليه وسلم - أقوى بشهادة حديثها الثاني (٤) ".

ثم قال -رحمه الله-: "فقد تبين من تخريج الحديث أن المحفوظ فيه إنما هو بلفظ: "زوارات"؛ لاتفاق حديث أبي هريرة وحسان عليه، وكذا


(١) في "المصنّف" (٤/ ٤١٠).
(٢) (٣/ ٦٠).
(٣) "التهذيب" (٤/ ٣٤٩).
(٤) "أحكام الجنائز" (٢٣٣).

<<  <   >  >>