للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحكمة هنا غير مضبوطة؛ فإنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي لا يفضي إلى ذلك ولا التمييز بين نوع ونوع.

ومن أصول الشريعة: أن الحكمة إذا كانت خفية -أو غير منتشرة- علق الحكم بمظنتها، فيحرم هذا الباب سدًّا للذريعة، كما حرم النظر إلى الزينة الباطنة لما في ذلك من الفتنة، وكما حزم الخلوة الأجنبية وغير ذلك من النظر، وليس في ذلك من المصلحة ما يعارض هذه المفسدة؛ فإنّه ليس في ذلك إلا دعاؤها للميّت وذلك ممكن في بيتها.

ولهذا قال الفقهاء: إذا علمت المرأة من نفسها أنّها زارت المقبرة بدا منها ما لا يجوز، من قول أو عمل، لم تجز الزيارة بلا نزاع" (١).

قال الفقير إلى عفو ربه: والذي يظهر لي؛ أن الواجب علينا في مثل هذه المسألة أمران:

الأول: الأخذ بكل ما ثبت عن النّبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ما يعرف "بالجمع بين النصوص"، وعدم إهمال أي منها.

فيحتج لمن ذهب إلى جواز زيارة المرأة للقبور بما ثبت في مسلم (٢) من حديث عائشة -مختصرًا- أنَّها قالت: "يا رسول الله! كيف أقول إذا زرت القبور؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين ... "؛ الحديث.

ولمن منع بحديث: "لعن الله زوّارات القبور" بمجموع طرقه.

الثاني: لزوم فهم الصحابة -رضي الله عنهم- لهذه النصوص.

فبعد البحث لم نجد إلا أثر لعائشة بروايتين:

الأولى: قالت فيه: "لو شهدتك لما زرتك".

الثانية: قالت فيه لَمّا سُئِلت: "نعم؛ كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها".

وعند التأمل والنظر في المرفوع والموقوف: يتبين لنا أنه لا يوجد


(١) "الفتاوى الكبرى" (٣/ ٥٤ - ٥٧).
(٢) (٩٧٤).

<<  <   >  >>