"وفي ذلك ثمانية مذاهبَ استوفيناها في "مِسك الختام شرح بلوغ المرام"، واستوفاها الماتن في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار"، وذكر الأحاديث المختلفة وتخريجها، وترجيح ما هو الرّاجح.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: لو نام قائمًا أو قاعدًا أو ساجدًا؛ لا وضوء عليه حتَّى ينام مضطجعًا أو متكئًا.
كذا في "المُسَوّى"".
قال الفقير إلى عفو ربِّه: والقول الصَّحيح؛ الَّذي تجتمع عليه النُّصوص: هو الفرق بين النَّوم العميق، والنّوم الخفيف.
فتحمل الأَحاديث الّتي دلّت على النَّقض -كحديث صفوانَ بن عسّال- على النّوم العميق.
وحديث أَنس:"أَنَّهم كانوا ينامون حتَّى يُسمعَ لأَحدهم غطيط، ثمّ يقومون فيصلُّون ولا يتوضّأون"؛ على النّوم الخفيف؛ فإنَّ الإنسان قد يسمع له غطيط حالَ إغفائه؛ وهو يشعر بنفسْه إذا أحدث، وبمن حولَه إذا تحدّثوا.
وحديث عليٍّ ومعاوية -مرفوعًا-:
"العَيْنُ وكاءُ السَّهِ؛ فإذا نامَتِ العَيْنان اسْتَطلَقَ الوكاءُ"، حسنَّه ابن المُنذر؛ فهذا يدلُّ على أَن النّوم مِظَنَّةٌ للنَّقض، وليس ناقضًا بنفسِه، وأَمَّا التّفريقُ في الحكم بناءً على هيئة النَّائم -مضطجعًا، أَو راكعًا، أَو ساجدًا، أَو قائمًا، أَو قاعدًا؛ فلا يوجد له مستند صحيح في السنّة، ومما يدل على أَن النّوم يكون خفيفًا وثقيلً؛ قول الله -تبارك وتعالى-: {لا تأخذه سنة ولا نومٌ}.