"وأَكل لحم الإبل: وجهه قوله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قيل له: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ - قال: "نعم"، وهو في "الصحيح" من حديث جابر بن سَمُرة -رضي الله عنه-.
وقد رُوي -أيضًا- من طريق غيره.
وذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء، واستدلّوا بالأحاديث الّتي نَسَخت الأحاديث الواردة في الوضوء ممّا مسّت النَّار.
ولا يخفى أنّه لم يصرَّح في شيء منها بلحوم الإبل حتَّى يكون الوضوء منها منسوخًا.
وقد ذهب إلى انتقاض الوضوء بأكل لحوم الإبل أحمد بن حنبل -رحمه الله-، وإسحاق ابن راهويه -رحمه الله-، ويحيى بن يَحْيَى -رحمه الله-، وابن المنذر -رحمه الله-، وابن خزيمة -رحمه الله-، والبيهقيّ -رحمه الله-، وحُكي عن أصحاب الحديث -رحمهم الله -، وحُكي عن جماعة من الصّحابة -رضي الله عنهم- كما قال النووي -رحمه الله-.
قال البيهقي -رحمه الله-: حُكي عن بعض أصحابنا، عن الشَّافعي -رحمه الله-، أنّه قال: إن صحّ الحديث في لحوم الإبل قلت به، قال البيهقي -رحمه الله-: قد صحّ فيه حديثان: حديث جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه -، وحديث البراء - رضي الله عنه -.
قال في "الحجَّة": "وأمّا لحم الإبل فالأمر فيه أشدُّ، لم يقل به أحد من فقهاء الصّحابة - رضي الله عنهم - والتابعين - رضي الله عنهم - ولا سبيل إلى الحكم بنسخه، فلذلك لم يقل به من يغلب عليه التخريج، وقال به أحمد -رحمه الله-، وإسحاق -رحمه الله-؛ وعندي أنَّه ينبغي أن يحتاط فيه الإنسان والله أَعلم".