للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما قال سيبويه وادعوا عليه أنه كان يقصد مذهبهم بهذا الكلام الذي قدمنا ذكره عنه.

وهذا لا يدل على أن سيبويه كان يعتقد ما ذهبوا إليه لأنه إنما تكلم عن جنس من الأسماء مشتقة بان له اشتقاقها ووضح وتكلم عليه ثم قال: فقد وضح بما ذكرنا أن هذا الجنس من الأسماء إنما وقع في كلامهم معرفًا بالألف واللام نعتًا مشتقًا وإنه إن ورد من هذا الجنس ما لا يعرف اشتقاقه فللعلة التي ذكرها ولا يوجب أن يحكم عليه أنه كان يعتقد أن الكلام كله مشتق.

ونظير هذا من مذهبه قوله: كل اسم في أوله همزة وهو بها على أربعة أحرف فإنه يحكم على الهمزة بالزيادة نحو: أحمر وأصفر وأخضر. قال: وإنما حكمنا عليها بالزيادة إلا أن يجيء أمر يوضح أنها أصلية من اشتقاق أو تصريف لكثرة ما وجدناها زائدة أولاً. ولم يمنعه هذا من أن يوجد اسم في أوله همزة أصلية وهو على أربعة أحرف نحو: أفكل، وأيدع، وأرطى في أحد القولين بدليل قام له على ذلك من اشتقاق وغيره.

وكذلك يقول في الميم إذا كانت أولاً فيما عدته بها أربعة أحرف نحو: مضرب ومدخل وما أشبه ذلك، يحكم عليها أبدًا بالزيادة حتى يقوم دليل على أنها أصلية كما بان له ذلك في «مهدد» و «مأجج» وما أشبه ذلك.

وذهب قوم من أهل النظر إلى أن الكلام كله أصل وليس منه شيء اشتق من غيره. وليس أحد من أهل اللغة الأعلام المشهورين يقول بذلك، ولا من النحويين الأئمة فيما انتهى إلينا من مذاهبهم، ورويناه من كتبهم، والحكايات عنهم، وفيما شاهدنا من يخبر عنهم ينكر أن يكون في كلام العرب اشتقاق ما وإن بعضه يرد إلى أصول منه تفرعت، وبعضه غير مشتق ولا مأخوذ من غيره، وإنما يدفع الاشتقاق قوم من أهل الجدل كما ذكرت لك ولم يذهبوا في ردهم ذلك مذاهب أهل اللغة، ولا قال القائلون بالاشتقاق من جهة الرادين لذلك، ولا زعموا ما ادعوه عليهم ولا مذهبهم فيه المذهب الذي أفسدوا منه صحة الاشتقاق، وذلك أن الرادين

<<  <   >  >>