للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخلال ولايته، كاد الحظ ان يكون دائما إلى جانبه، ومع، ذلك لم يتمكن، بالرغم من مجهوداته، من غزو مملكة تونس التي كان يريد السيطرة عليها. سأتكلم عن هذه الحملة فيما بعد.

كان الحاج، بعد أن استولى عل زمام الحكم في الجزائر، يشعر بتفوق كبير في العلوم والمعرفة، ولذلك احتقر وزراءه وآراءهم، وعندما أهين هؤلاء الأخيرون وملأ الرعب قلوبهم وضعوا مشروعا يهدف إلى التخلص منه. وهكذا فلما ذهب يستحم، ذات مرة، قام الشخص المكلف بإعداد الحمام على الطريقة الشرقية - وكان من امتآمرين - يغلق الأبواب غلقا محكما ثم ضاعف النيران بكيفية عنيفة إلى أن اختنق الحاج باشا بالبخار بدون ضجيج ولا هرج، واستبدل بخزناجبه المسمى الحاج محمد باشا (٥). ويعتبر هذا الأخير نموذجا حقيقيا للأتراك القدماء، إذ كان رجلا فاضلا، وكان من الممكن أن يحكم مدة أطول لو لم يتعرض لخيانة آغاه المسمى عمر (٦).

وكغيره، ضحى عمر هذا بالحاج محمد باشا بعد ان تفاهم مع الميليشيا على ان تعطى له الولاية. وكان عمر، أيضا، سفاحا! وكانت الظروف تكاد تكون دائما غير مؤاتية له، وهذا الداي هو الذي أبرم مع اللورد آكسماوث، سنة ١٨١٦، معاهدة بعد ان قام بقنبلة المدينة. وقد ساهم هذا الحادث مساهمة كبرى في سقوط عمر.


(٥) عين في مكان الحاج علي ولكنه قتل في نفس اليوم من طرف خليفته كما ذكر حمدان.
(٦) حكم من سنة ١٨١٥ إلى سنة ١٨١٧، وقد قتل خنقا. وفي عهده تعرضت الجزائر لحملة آكسماوث ١٨١٦، وإلى الطاعون الذي قضى على عدد كبير من سكان الإيالة.

<<  <   >  >>