وأن هؤلاء الرؤساء كانوا يزورونه ليلا، وأنه كان يعقد الاجتماعات في بيته لمهاجمة الجزائر وللاستيلاء على الحكومة وتعيين نفسه على رأسها، وبالاعتماد على هذه المزاعم، قدمت وثائق مزيفة تشبه الحقيقة وتم إقناع الباشا بأن الآغا السابق يحيى خائن، فأمر بإعدامه.
من السهل أن ندرك، بعد هذه التفاصيل، بأنه لو كان يحيى، أثناء هذه الحرب الأخيرة، على رأس الجيوش الجزائرية لكان سير الأمور أحسن، لأن التجربة التي حصل عليها في البر والبحر وشجاعته في جميع الحالات، كلها كان يمكن أن تشكل ضمانا بالنسبة للجندي الذي يحارب تحت إمرته.
وبما أن إبراهيم قد عين آغا خلفا ليحيى، بعد حادثة (البروفانس) المشؤومة، فقد أرسل له مخطط الفرنسيين، وأخبر بالمكان الذي كانوا ينوون النزول فيه، كما أحيط علما بالعدد الصحيح فيما يخص مكونات الجيش من سفن وجنود (٥): وعلى الرغم من هذه المعلومات المنجية، فإنه لم يعد أي شيء ولم يتخذ أي نوع من التدابير ولم يعط أي أمر، بل كان يزعم أنه عندما تطأ أقدام الفرنسيين الأرض، سيطوقهم بالقبائل الذين لم يكونوا تحت تصرفه، لأنه كان يجب أن يعطي الأوامر مسبقا، لكي يتسنى لهم أن ينتقلوا إلى الأماكن المعلومة بدون تعب ولكي يتمكنووا من صد الأعداء. وبالفعل، فإن قدوم البعض يتطلب أسبوعا بينما يقتضي مجيء غيرهم أكثر من ذلك. وإذا كانت
(٥) يقول الباي أحمد في مذكراته: (عندما مثلت بين يدي حسين داي قال لي: (لم يعد لديكم سوى ما يكفي من الوقت للخروج للفرنسيين الذين سينزلون بسيدي فرج. إنني أعرف مكان النزول بواسطة الرسائل التي تصلني من بلادهم وعن طريق منشور طبع في فرنسا وأرسله لي جواسيسي من مالطة وجبل طارق (مذكرات أحمد باي الصفحة الأولى).