للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم. كان من واجبنا أن نفضل حكومة الأتراك؛ لأننا قد جمعنا وإياهم دين واحد؛ ولكن الظروف قد أجبرتنا أن نستبدل بها الحكومة الفرنسية، التي وعدتنا باحترام ديننا وعوائدنا وأرزاقنا. وإذا لم نفعل ذلك أصبحت حياتنا في خطر، ودماؤنا وديارنا وأرزاقنا مسلوبة، ونساؤنا وأطفالنا مقتولين. وكثرة هذه الاعتبارات قد جعلتنا نفضل إبرام معاهدة السلم، وقد تم ذلك بالفعل. ثم أرسل هذا المجلس - في الحين - وفدا إلى القصبة لإطلاع الداي على هذا المشروع، فكان جوابه لهم: أنه سينظر في القضية، وغدا سيجيبهم عن رغباتهم التي تقدموا بها إليه.

وفي الغد أرسل - بالفعل - (المكتابجي) مرفوقا بالقنصل الانجليزي، كرسول صلح وسيدي (أحمد) أبي ضربة وولدي الحاج حسن. وهذان الأخيران أرسلهما كمترجمين، لأنهما يحسنان اللغة الفرنسية. (وكان إرسال هؤلاء الأشخاص الثلاث) من أجل أن يتقدموا إلى القائد العام ليدخل في المفاوضات مع الداي. وكان هذا المكتابجي شريكا مع الخزناجي في الدسيسة التي تحدثنا عنها أعلاه. ولذلك أراد أن يخدع الداي، ويستبد هو بالمفاوضة مع القائد العام، بنية رفع الخزناجي إلى منصب الداي، وبهذه المناسبة تجاسر على هذا القائد وعرض عليه أن يأتيه برأس حسين داي، ثم يوقع - هو - مع فرنسا معاهدة، حسبما تقتضيه رغباتها. فأجابه القائد (بورمون) بقوله: (ما أتيت من أجل تشجيع الاغتيالات، وإنما أتيت من أجل خوض الحرب نعم سأوافق على اقتراح حسين باشا الذي طلب إبرام معاهدة السلم وسأرحب بمشاعره الإنسانية، التي دفعت به أن يستعمل هذه الوسيلة، لكي يحقن كثيرا من الدماء).

وهكذا تمت محادثة المعاهدة بنجاح؛ واتفق الطرفان على تحريرها بالنمط التالي:

أولا: إن جميع حصون مدينة الجزائر بما فيها حصن القصبة، وكذلك ميناء هذه المدينة ستسلم إلى الجيش (الفرنسي) صباح هذا اليوم في الساعة العاشرة (بتوقيت فرنسا).

<<  <   >  >>