بواسطة باي قسنطينة إلى إبرام صلح مشرف. وفي هذا الإطار كان الدوق دوروفيقو (٦) يعمل على أن يضمه إليه ويجعل منه صديقا له لأنه كان يريد أن يعترف له ببعض الجميل. إن المرابط الذي يعرف أغراض دينه يعرف كيف يسخر تسخيرا مثمرا وذكيا جميع الوسائل الموجودة بين يديه. إنه لن يقول للقبائل: يجب أن تطيعوا القانون، وعليكم بالاستماع إلى الموعظة وباتباعها، وإنما يقول لهم: لعن الله من لا يفعل كذا! وهكذا يجعلهم يطيعون ويحصل منهم على كل ما يريد، وإذا اقتضى الأمر فإنه يستعمل عبارات مطلقة تبدو كأوامر العلي الجبار. غير أن هؤلاء المرابطين يتصرفون بلطافة وكياسة ولا يسمحون أبدا بأي تجديد ولا يقومون بأي شيء مما يمكن أن يتعارض مع كرامة أو عادات الشعب وبهذا السلوك يحتفظ هؤلاء المرابطون بنقوذ لا حدود له.
(٦) سياسي وجنرال فرنسي، اسمه الكامل: آن جان ماري روني هافري، ولد سنة ١٧٧٤ وتوفي سنة ١٨٣٣. خلف فوشي بوزارة الشرطة سنة ١٨١٠، وكان من أنصار نابليون الأوفياء. وبعد هزيمة واترلو ألقي عليه القبض في جزيرة مالطة، ثم فر من السجن إلى مدينة أزمير سنة ١٨١٦. وبعد ذلك بثلاث سنوات توجه إلى لندن، ومن هناك استطاع أن يحصل على عفو الحكومة الفرنسية واسترجاع رتبته العسكرية. وفي سنة ١٨٣١ عين قائدا أعلى الجيوش الفرنسية في الجزائر، حاول أن يتفاوض مع الباي أحمد بواسطة حمدان خوجة لكنه لم ينجح في محاولته. له مذكرات كتبها سنة ١٨٢٨.