لقد احتللنا الجزائر، وأصبحنا سادتها بلا منازع، كل ما فيها ملكنا، وليس من حق السيد تولوزان أن يبعث لي بمثل هذه الأوامر. ولما وصلتني إجابة هذا الضابط سارعت إليه لعلي أجد فيه إنسانا متحضرا ومتسما بالاعتدال والعواطف الفرنسية النبيلة، وقلت له إن ولدي كان مخطئا عندما اشتكى عليه، وأنه يجب أن يعذر شابا صغيرا، وإنني جد مسرور باستقبال ضيف كريم مثلك لأنني متيقن من أنه سيحمي الدار من نهب الجنود. وفي الحين فتحت جميع الخزائن لكي لا تكسر ووضعت تحت تصرفه أغلى ما فيما من أثاث وحلي وزرابي وأوان خزفية، (عدد هذه الأواني كان يزيد عن ٥٠٠ قطعة). وكذلك طقم خزفي لتناول الشاي اشتريته من باريس بثلاثمائة فرنك، ومجموعة من أدوات الطبخ كلها من الخزف، والخزف المزخرف وجرار مملوءة بالزيت والزبدة وغير ذلك من المؤن الكثيرة التي تعودنا أن نعدها في البادية.
ومن ثمة، فقد وضعت تحت تصرفه دارا كاملة، مجهزة بكل ما يحتاج إليه بما في ذلك أدوات الزينة. كما أنني تركت له بعض البغال، وشاتا للاعتناء بها. وبالتالي لم يكن هناك قائد أسعد منه في هذا الميدان. ومع ذلك، فإنه تقبل كل ذلك باعتزاز ولم يوجه لي حتى عبارة شكر، كما لو كنت قد قدمت متاعا هو له. وفي نظري، لقد كان من الواجب عليه أن يتصرف بطريقة أكثر تأدبا ولباقة وأن يبرهن على أنه يعرف كيف يقدر المواقف، وأن أصله يتناسب مع مرتبته.
إن هذا الجنرال لم يمتنع عن شيء مما قدمته له، واستعمل بسعة كل ما وجد، وعندما شارك في حملة المدية مع الجنرال كلوزيل، أخذ اثتين من بغالي، نفقا، من التعب أو الجوع، بعد رجوعهما من الرحلة مباشرة.