في أن يعود إليهم السيد المارشال كلوزيل؟ وما من شك أن سلوكه هذا هو الذي جعل الجرائد تكتب يوميا، بأن هذه الشخصية محل عبادة في إفريقيا.
ولقد كنت أود؛ عندما سافرت إلى قسنطينة، لو صاحبني بعض الشهود ليسجلوا (الثناء) الذي كان يوجه لهذا القائد الفرنسي طوال الطريق، من الجزائر إلى قسنطينة. كان المفتي سيدي محمد العنابي رجلا نزيها وناضلا. ذنبه الوحيد أنه كان يكتب دائما إلى الجنرال كلوزيل يلومه على تصرفاته التي كانت تبدو له مخالفة لوثيقة الاستسلام، للقوانين الفرنسية ولحقوق الإنسان. ولكن الوالي كان عنيدا، وعليه قبض رجال الدرك على المفتي وقادوه إلى السجن؛ وتعرضت أسرته لجميع الإهانات بحجة أنها كانت تدبر مؤامرة. يا ترى، ما هي الجناية التي يمكن إسنادها للنساء والأطفال؟
وعندما تقدمت إلى الجنرال كلوزيل أسأله عن سبب هذا الاعتقال أجابني بأنه كان يتفاهم مع القبائل لإثارتهم ضد الفرنسيين. ثم توجهت إلى المفتي فحدثته عن هذا الاتهام وسألته عن الأسباب التي يمكن أن تكون في أصل تلك الادعاءات، فاحتج أشد الاحتجاج ضد هذه التهم، وقال إنها كاذبة، وما عليهم إلا أن يأتوا بالبراهين.
وبعد التمحيص فيما يمكن أن يكون السبب أو الأصل في الاتهام، وجدت أنهم إنما استعملوا تلك الحجة لإبعاد المفتي عن الجزائر حتى لا يقال أنهم نقضوا المعاهدة فجأة.
وبعد ذلك علمت من المفتي نفسه كيف وقع اعتقاله، وأرى من