للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضرورة تكوين حكومة وتعين رئيس يقودها، من هنا يبدأ كل شيء. وسواء أكان الرئيس سلطانا، ملكا أو واليا، أو غير ذلك، فإنه يقود ويعطي المثال. وأن أعماله الجائرة توهن عزيمة شعب بأكمله. لقد أمر السيد الجنرال كلوزيل بتهديم محلات تدعى القيصرية كانت تبيع الكتب التي هي أدوات الحضارة، والتي تنير طريق الإنسان المثقف.

وفيها كان يوجد الناسخون، لأن المطابع معدومة في أفريقيا. وبما أن الفرنسيين كانوا ينوون إدخال الحضارة إلى إفريقيا، فلماذا وقع تهديم هذا المصدر الذي كان يعطي العلم والمعرفة في جميع الميادين؟، إن هذا السلوك يدل على أن هذا الجنرال، بدلا من أن يعمل على تزويدنا بنور العلم والحضارة، كان ينوي إغراقنا في الظلمات والجهل.

وهدم الجنرال كلوزيل، كذلك، محلات كانت تدعى سوق المقايس، تصنع فيها الأساور من قرون الجواميس وهي أساور جرت العادة أن تزين بها نساء العرب والقبائل أذرعتهن. وكانت تشكل فرعا رئيسيا من فروع الصناعة في مدينة الجزائر، وتصدر إلى تونس وطرابلس وحتى إلى مصر. وكانت المادة الأولية، التي هي قرون الجواميس تشترى حمولات بأكملها وكان لأصحاب المصانع مندوبون مكلفون بشراء تلك المادة الأولية وتوزيعها على كل مصنعي حسب أهمية المؤسسة وبرؤوس أموال قليلة، كانوا يقومون بتجارة واسعة، وكان هذا الفرع من الصناعة يشغل عددا كبيرا من السواعد.

وبعد تهديم هذه المحلات أصبح كل هؤلاء العمال بدون مورد واضطروا إلى التسول.

وهدم نفس الجنرال محلات ثالثة تدعى سوق الصباغين، كان العرب والبدو يتعمدون المجىء إلى مدينة الجزائر ليصبغوا فيها كل ما لديهم من

<<  <   >  >>