وهكذا، كما رأينا، فإن المالكين أو أصحاب المزارع يستخدمون العمال والرعاة الخ ... وليس لهؤلاء أرض، ولا أموال ولا مواشي، وإنما تعطى لهم التسبيقات حسب حاجاتهم. ويسكنون بأزواجهم وأولادهم عند الملاك. ويقوم كل واحد بما يقدر عليه من العمل وكثيرا ما يتزوج بعضهم بأكثر من امرأة ليستعين بهن في أشغاله، ولأن من الصعب على امرأة أن تحصل على عيشها ان لم يكن الى جانبها زوج. والأسرة بأكملها تعاون صاحب الضيعة على زرع الأراضي وانجاز جميع الأشغال اليدوية. يعطي المالك أو صاحب الضيعة للعامل خمس الغلة مقابل أتعابه والمجهودات المادية التي يقوم بها أفراد أسرته. وإذا لم يكفه ذلك، فانه يستقرض الحبوب من قمح وشعير.
وقبل تسليم الخمس لهؤلاء العمال، وذلك عادة أثناء جمع المحاصيل، فان فائدة الدوار يخصم كل ما عليهم من ديون وتسبيقات، ولا يعطى لهم إلا ما تبقى. وعلى أثر التقسيم يذهب العامل إلى السوق لبيع محصولاته. وبما أن الغلل تجمع في نفس الوقت تقريبا، فإن الحبوب تكون رخيصة في فترة معينة من العام، بينما تكون الأسعار ثابتة عندما يقوم الأغنياء بتمويل الأسواق. ويرى هؤلاء السكان الرحل أن من الضرورة الملحة أن يكتسب المرء حصانا وبندقية وسيفا. والذي لا يملك هذه الأشياء يكون محتقرا ومنبوذا، لأنه، كما يقولون، لا يقدم أي ضمان سواء للقيام بواجباته أو الدفاع عن المجموعة. يوجد قائد بالنسبة لعدد من الدواوير، ويعين من طرف الباي أو من طرف آغا الناحية التي ينتمي اليها، وتنحصر اختصاصاته في جمع الضرائب والسهر على تنفيذ القوانين وتبليغ تدابير حكومته.