ضرر، وذلك بأن يضعوها في مطامير بعيدة عن الهواء والرطوبة. وانك لتجد عندهم، بدون مغالات، قمحا مخزونا منذ أكثر صمن خمس عشرة سنة، واني لمتأكد من هذه الحقيقة المعروفة في افريقيا معرفة جيدة. ولكننا نلاحظ عند الطحن أن دقيق هذه الحبوب التي تخزن طويلا لا يحتفظ بنفس البياض الذي يتسم به القمح الجديد، كما يكون له طعم لا يطيقه جميع الناس، ويحبه هؤلاء السكان حبا جما، ويقدمونه للضيوف كشيء نادر مثلما تقدم، في أوروبا، الخمر المعتقة أثناء وجبات الغذاء. ويدعى هذا النوع من القمح (المطمورة)، وتختار لخزنه، أماكن مجهولة تهيأ بدقة حتى أن الأعداء يمشون فوقها عندما يغزون المنطقة ولا يكشفوننها إلا إذا دلهم على ذلك أحد الخونة. ويوجد بين هؤلاء السكان فرسان ممتازون يتسمرون بكثير من الشجاعة والمهارة، عندما يركب الواحد منهم لا يتردد في محاربة عشرين أو ثلاثين شخصا، وله القدرة على رد هجوماتهم، وهم معروفون ببسالتهم وبعزة النفس، وجعل أبناؤهم على هذه الأخلاق، فلا يرضون بفعل أدنى دنيئة، ولا أعتقد أن هناك من يستطيع إنكار هذه الحقيقة. ومن الفرسان من يمد يده إلى الأرض، أثناء الركض، فيلتقط حجرا أو شيئا آخر دون أن يغادر صهوة جواده.
أما سكان الصحراء البعيدة، فإنني لم أزرهم شخصيا، وما أقوله عنهم إنما هو رواية عن أشخاص موثوق بهم.
وتنحصر ملكيات هؤلاء السكان في الجمال والبقر والخيل، وليس لاعلاهم درجة قطعان من الغنم ولا من المعز، لأن هذه الحيوانات تعرقل