للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبدلون فيها منتوجاتهم خدمة لمصالح هذه العاصمة، ولذلك نجد مدينة قسنطينة التي ما كانت تبلغ هذه المكانة لولا هذه المنافع، نجدها مزدهرة تتمتع بكل ما تدره التجارة المركزة فيها، إلا أن هناك بعض المشايخ، الذين لا تسمح لهم كبرياؤهم بالخضوع لسلطة الباي، يفضلون الذهاب لأسواق أخرى في الجهة الغربية مثل التيطري وغيرها من المدن. وبفضل تنقلاتهم اليومية، يفيدون مقاطعة باي التيطري دون أن يخضعرا لأي واجب من الواجبات، ولأجل هذه المنافع يهتم البايات كثير الاهتمام بالتحالف، عن طريق المصاهرة، مع رؤساء هؤلاء السكان الرحل الأباة. إن الحاج أحمد (٤)، ياي قسنطينة الحالي، ابن أخت أحد كبار رؤساء هؤلاء العرب، ويدعى الذوادي بن قانة.

وقد كان الباي ابراهيم (٥) الذي سلم عنابة للفرنسيين، بايا في قسنطينة أيام الأتراك وفي ذلك العهد صاهر أحد أفراد عائلة الشيخ فرحات (٦)، وهو من قواد الصحراء.


(٤) هو الحاج أحمد بن محمد الشريف وحفيد الباي أحمد القلي. أما أمه فهي الحاجة وفية من أسرة ابن قانه الصحراوية. ولمزيد من المعلومات حول هذه الشخصية الجزائرية الفذة راجع مذكرات الباي أحمد التي ترجمناها عن الفرنسية.
(٥) عزله حسين داي سنة ١٨٢١ نتيجة تصرفاته اللامسؤولة والجدير بالذكر أن هذا الباي هو الذي كاد للحاج أحمد، خليفته آنذاك، وأقنع الداي بضرورة إبعاده عن قسنطينة فنفاه إلى المدية فالبليدة.
(٦) هو فرحات بن سعيد من أسرة بو عكاز. عينه إبرهيم باي شيخا للعرب بعد أن أجبر ابن قانه على التخلي، وهو شخصية فريدة يبحث عن المسؤولية فقط. ولكنه كان شجاعا وطموحا. يقول عنه الباي أحمد في مذكراته: إنه رجل بارود، لا يهاب المنية. حاربني مدة سبع سنوات، فكان يساوي وحده مائة فارس.

<<  <   >  >>