الحمى باستمرار إلى درجة أنه من الصعب جدا إتقائها، وما تمسكي بهذا السهل إلا لأنه قريب من المدينة ولأن فيه مزارع ومواشي عير بعيدة عن ضواحي الجزائر التي أزرع فيها القطن وهي زراعة منتجة لا يعرفها العرب.
وعلى اثر الغزو الفرنسي ضيعت هذه الزراعة كما أرغمت على ترك منافع أخرى. ان هذا السهل يكاد يكون مملوكا من طرف سكان مدينة الجزائر وحدهم، أما معاش سكان المتيجة فمن وادي جر ومليانة، (٣) وعندما لا تكون الغلل كافية يلجأون جميعا إلى المناطق الغربية. وبعد مجيء الفرنسيين ارتفعت الأسعار وقلت الموارد في هذه المنطقة بكيفية ملموسة. وأصحبت الطرقات غير آمنة مما جعل سكان الغرب لا يسلكونها كما كانوا يسلكونها في السابق. ان هذا الشر قد ظهر خاصة هذه السنة بعد اعتقال مرابط القليعة الذي هو أكثر المرابطين تأثيرا في هذه المنطقة، والذي كان يحمي المسافرين ويدفع السكان البعيدين إلى الإتيان ببضائعهم وذلك بأن يحفظهم من جميع أنواع الشتم. لقد أصبح اعتقال هذا المرابط مصيبة على المنطقة، لا سيما وأنه اعتقال غير شرعي وان براءة الشيخ لا يشك فيها أحد. ويبدو ان الإعتقال ما يزال مستمرا، وان غرامة مجحفة قدرها مليون قد فرضت عليه وأغاظ هذا التصرف الجائر جميع سكان الإيالة إلى درجة أنه لم يعد لديهم أي استعداد للإتحاد مع الفرنسيين الذين صاروا ينظرون إليهم كمغتصبين.
ولقد باع أهالي هذا المرابط كل ما يملكون من ماشية وخيل وأراضي وحبوب ولم يتمكنوا إلا من جمع عشرة آلاف فرنك. وعلى الرغم من دفع هذا المبلغ، واستحالة الحصول على أكثر من ذلك، فإن اعتقال قائدهم
(٣) وادي جر سهل شاسع يبعد عن مليانة بحوالي عشرين كيلومترا.