الديوان أن يقضوا عدة سنوات في دراسة الشؤون الإدارية والحكومية. وللحصول على هذه العلوم الجديدة الضرورية لعضوية الديوان، يجتمعون عند شيخ البلدة ونقيب الأشراف، ذلك أن الديوان هو المجلس الأعلى للحكومة التركية المكلف بمراقبة جميع أعمالها.
وبواسطة هذا التنظيم الحكومي، تمكن الأتراك من بسط نفوذهم في إفريقيا، لأن غالبية سكان الإيالة، كما أشرنا إلى ذلك أعلاه، مكونون من الأندلسيين ومن القبائل أو البرابرة الذين تمدنوا وغيروا أوضاعهم. وبتبنيهم الطرق الجديدة لحياة المدينة حدث التقارب بينهم وساعدت على ذلك مصالح الأسرة والمصالح الصناعية والتجارية.
وتأكدت الحكومة التركية من أن قوة القبائل لا تقهر، وأيقنت أنها لن تتمكن من إخضاعهم بحد السيف وإنما باللطافة والتسامح والإرادة الحسنة التي أسفرت عن نتائج مرضية تتمثل في بقاء الحكومة مدة تزيد على ثلاثة قرون.
وللباشا أو الداي نائب يحتفظ بمفتاح الخزينة ويسمى الكاهية. ومن جملة أعضاء الحكومة يوجد اثنان أحدهما يسمى وكيل الحرج، وثانيهما يسمى الخزناجي ومن بين هؤلاء الأشخاص يختار الداي، لأن الحكم، في الجزائر، ليس وراثيا، إذ أن الاستحقاق الشخصي لا ينتقل إلى الأطفال. وبعبارة أوضح نستطيع القول بأن الجزائريين اختاروا مبادىء الحكم الجمهوري (٢)، ورئيس الجمهورية هو الداي.
(٢) هناك من يقول أن الجزائر كانت جمهورية عسكرية، ويذكر آخرون أنها كانت مملكة. والواقع أنها لم تكن هذه ولا تلك، وإنما كانت تحكم بنظام خاص لم يعرف في أي بلد آخر، أهم ميزاته أنه كان يجمع بين الصبغة المدنية والعسكرية.