للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخرجا فقال بعضهم: ما كان عليك أن يقرأ آية؟ فقال: إني كرهت أن يقرأ آية فيحرفانها فيقع ذلك في قلبي (١).

وقال عبد الرزاق: إن القلب ضعيف وإن الدين ليس لمن غلب (٢).

وأدخل ابن طاووس أصبعيه في أذنيه لما سمع أحدهم، وقال لابنه: ادخل أصبعيك في أذنيك واشدد لا تسمع من كلامه شيئًا قال معمر: يعني إن القلب ضعيف (٣).

فموضوع الشبهات ليس معادلة رياضية قائمة على القدرة على نقضها أو الانهزام أمامها، بل لها تعلق وثيق بما في قلب المسلم من خضوع وتعظيم وانقياد للشرع؛ لأجل ذلك جاء الامتنان بالهداية كثيرًا في القرآن: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور: ٢١].

واستشعار هذا المعنى يجعل المسلم يلتجئ إلى اللَّه أن يعصمه ويحفظه ويثبت قلبه، ولا يتعامل مع الشبهات على اعتبارها معلومات يستطيع الإجابة عنها، وانظر إلى جانب مشرق في هذا الفقه عند محمد بن النضر الحارثي حين يقول: (من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم أنه صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووُكل إلى نفسه) (٤).

ومن فقههم هنا: أن الشبهة إذا دخلت القلب فإن المبتلى بها لا يرجع عنها،


(١) المصدر السابق: ١/ ١٥١.
(٢) المصدر السابق: ١/ ١٥٢.
(٣) المصدر السابق: ١/ ١٥٢.
(٤) المصدر السابق: ١/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>