الناس من دون أن يشعر، حتى جاءت بعض المحاولات والتفسيرات التي تسعى لأن توفِّق بين هذا المفهوم والمفهوم السياسي الإسلامي، فاندفعت عدد من التفسيرات المختلفة التي تسعى لتقديم النظام السياسي الإسلامي بكيفية متلائمة مع هذا التصوُّر العلماني، ومن هذه التصوُّرات المؤسلمة للعلمانية:
التصور الأول: أن النظام السياسي في الإسلام جاء بمبادئ وكليات عامة ولم يأت بأحكام وتشريعات محددة؛ فالواجب هو تطبيق المبادئ العامة من العدل والحرية والشورى والمساواة وأما كيفية ذلك فهذا مما يُختَلَف في تقديره كلَّ عصر.
وهذا تصوُّر لذيذ جدًا للفكرة العلمانية لأن مشكلتهم مع بعض الأحكام والتفصيلات الشرعية، وأما المبادئ والكليات فمن خاصيتها أنها واسعة ومرنة يمكن الدخول والخروج منها بكل اطمئنان، وحين نقول: إن الإسلام جاء بمبادئ ولم يأت بتشريعات فنهاية هذا الكلام أن الإسلام لم يأت في النظام السياسي بشيء يذكر؛ لأن هذه الكليات موجودة عند كل الأمم والحضارات، لا يوجد أحد في الدنيا لا يأخذ بهذه المبادئ، غير أن لكل ثقافة تفاصيلها ومحدداتها لهذه المفاهيم، وحين نلغي الأحكام الشرعية المفصَّلة لهذه المبادئ فإننا في الحقيقة قد ألغينا الحكم الإسلامي؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(من استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلًا من غير اتباع لما أنزل اللَّه فهو كافر)(١)؛ لأنه في الحقيقة لم يأخذ من الإسلام بشيء فالكليات معنى ذهني تجريدي لا يقوم بدون تفصيلات وتفريعات.
يقولون نأخذ بـ (الكليات دون الجزئيات) وبـ (الأصول دون الفروع) أو بـ (المبادئ