في تشريعها ابتداء، فالمحرمات الشرعية يجب منعها والواجبات الشرعية يجب القيام بها، والمسلم حين يدخل في الإسلام فإنه ضرورةً يكون ملتزمًا بأن الإسلام هو الذي يحكمه فلا حاجة لأن يسأل أو يبحث معه عن رغبته في حكم الإسلام.
هذا التفسير يثير شهية العلمانيين كثيرًا:
لأنه أولًا: ينطلق من ذات الوعي العلماني الذي يقزم الحكم الشرعي عن المستوى السياسي.
وثانيًا: لأن الذكاء العلماني مستوعب أن الناس لا يختارون في الفضاء المجرد؛ وإنما يوضع لهم الإطار المقيَّد الذي يصوتون فيه ولا يخرجون عنه؛ فحين يقوم الإسلاميون بإبعاد الشريعة عن الإلزام إلا بعد اختيار الناس فالذي حصل هو أن الشريعة لم تعد هي التي تضع الإطار، ليكون من السهل جدًا بعدها أن تأتي المنظومة الفكرية الأخرى التي تملأ هذا الإطار الذي يصوت الناس فيه، فيكون إطار التصويت بيد المنظومة الفكرية الليبرالية، وحينها فلن يُعرَض الحكم الشرعي -أساسًا- على الناس لينظر في اختيارهم؛ لأن الحكم الشرعي سيكون حينها منافيًا للحريات والحقوق التي تحكمها المنظومة العلمانية التي وضعت الإطار الذي يحكم اختيار الناس.
هذه بعض التفسيرات المؤسلمة للفكرة العلمانية، تتفق جميعًا على محاولة التلفيق بين النظام السياسي الإسلامي والفلسفة العلمانية، لكنها تصطدم بالأحكام الشرعية الملزمة في النظام السياسي الإسلامي، الأحكام الصادرة عن تصور ديني ما عاد محبذًا في الثقافة العلمانية المعاصرة؛ فبدلًا من التسليم لهذه الأحكام والانقياد لها وأن يقول المسلم ما أمره اللَّه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا