وهكذا، يأتي (على فهم من؟) ليفكك المعيار الشرعي من قيمته، ويكسر الميزان الإسلامي من اعتباره، لتكون الشريعة بناء خاملًا خاويًا على عروشه، ليس له إلا القيمة الشكلية الروحية، لكنه معيار محايد لا يقيس ولا يوزن.
فلأننا لا ندري (على أي فهم تكون هذه الشريعة؟) نطالب بالحكم السياسي القائم على المساواة المطلَقَة وحكم الناس بما يشتهون، ويبقى الدين شأنًا خاصًا لا اعتبار له في حكم الناس لأننا لا ندري ما هو!
ولأننا لا ندري (على أي فهم تكون هذه الشريعة) تصبح مصمتة لا يُرجَع إليها في مفاهيم الحقوق والحريات والعدل والمصالح بل يكتفى بالمصالح الدنيوية البحتة التي يتفق عليها الجميع ولا اعتبار للدين الذي لا يدرى ما هو!
ولأننا لا ندري (على أي فهم تكون هذه الشريعة؟) نجعل العبرة هو اختيار الأكثرية؛ فما اختارته فهو المشروع وإلا فليس بمشروع، وليس لك أن تذكر الشريعة لأن الشريعة هذه على فهم من!
وهكذا، أخرجنا العلمانية من الباب ثم ذهبنا نجري خلفها؛ أُخرجت لأنها تعارض حكم الإسلام وترفض أصوله، وذهبنا إليها لأننا أصبحنا لا ندري ما هو الإسلام ولا على أي فهم تكون شريعته، فالنتيجة النهائية: تجاوز إشكالية رفض الدين إلى إشكالية القبول به هلاميًا لا يدرى ما هو!
(على أي فهم؟) هو سؤال النسبية الشهير، الذي ما زال يتكرر منذ قدماء الفلاسفة اليونان ومرَّ في طريقه فجرف من أهل الضلال والبدع والتحريف مَن جرف، وما يزال مسيره الجارف متواصل في إغراق القلوب بالشك والحيرة والتيه، حرمهم من حالة الطمأنينة التي يمنُّ اللَّه بها على من يشاء من عباده، وله