للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدائرة الظنيات: هي أحكام شرعية ثابتة وملزمة ويجب اتباعها، وأما تسميتها بالظنية فهو مجرد اصطلاح، لا يعني أنها خارج الشريعة أو غير ملزمة، فالظن واليقين هو في مرتبة الجزم بالحكم وليس في مرتبة الإيمان بالحكم، فأنت توقن بالحكم بشكل يقيني قطعي أو يغلب على ظنك بما يوجب العمل به، لا أن تثبت الحكم أو تنفيه؛ فبعض الأحكام الشرعية قطعي جاءت الدلائل اليقينية عليه كوجوب الصلاة والزكاة وتحريم الخمر والربا والزنا، وبعض الأحكام جاءت فيه دلائل أقل من ذلك، لكن هذا لا يعني أنه ليس حكمًا شرعيًا، ولا أن أمر الإيمان به يرجع للإنسان إن شاء عمل به وإن شاء ترك، بل العمل بها واجب، غير أن مراتب الإيمان تختلف فدرجة الإيمان بحرمة الزنا ليست كدرجة الإيمان بحرمة النظر المحرم، ودرجة الإيمان بالسنة المتواترة ليس كدرجة الإيمان بالسنة الآحاد، وذلك مثل ما أن من الشريعة ما هو فرض لا يدخل الإنسان الإيمان إلا به كالشهادتين، ومنها ما هو فرض يخرج من الإيمان بتركه كالصلاة، ومنها ما هو فرض يضعف الإيمان ولا يزيله كترك الحج ومنها ما هو دون ذلك، لكنها جميعًا داخلة في أحكام الإسلام وإن تفاوتت في قوتها.

فالغلط في هذا التفسير أنه جعل دائرة (الظنيات) من المتغيرات غير الملزمة، فنفى جملة واسعة من أحكام الشريعة لتوهُم فاسد، تصوَّر فيه أن كلمة (الظن) تعادل في لغتنا العامية التوقع والتوهم والشك، وهي ليست كذلك، بل أحكام ثابتة وصحيحة.

الدائرة الثانية، دائرة المختلف فيه: فيجعلون كلَّ حكم وقع فيه اختلاف بين العلماء حكمًا متغيرًا غير ملزم، وهذا النظر يتصوَّر أن أحكام الشريعة لا بد أن تكون مُجمَعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>