للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا كلام فيه حق، وفيه باطل كثير أيضًا، وهنا تأتي أهمية تحديد المنهج؛ فما المنهج لمعرفة المتغير والثابت في أحكام الإسلام؟ وما هو المتغير والثابت مما كان في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ فهذا الكلام يقوله أشدُّ العلماء تمسُّكًا وتعظيمًا لأحكام الإسلام ويقوله أشدُّ العلمانيين تفلُّتًا وانحرافًا عن أحكام الإسلام.

ويأتي آخر فيقول: ليس كل ما صدر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يكون تشريعًا فثم أمور ليست تشريعية.

لا بأس، السؤال المهم: ما الضابط لمعرفة التشريعي من غير التشريعي لديك؟ فهذا الكلام قد يكون كلامًا أصوليًا دقيقًا منضبطًا وقد يكون تحللًا وتفلتًا من قيود الشريعة، والفارق بينهما هو في معرفة المنهج الذي سيسلكه الشخص في معرفة السنة التشريعية من غير التشريعية.

تحديد المنهجية يفتح العين على ظاهرة فكرية شائعة في زمننا، ظاهرةِ من يأتي بالأقوال المنبتَّة التي ليس لها امتداد فقهي ولم تخرج من البيئة الشرعية فيتمسك بها بدعوى أن فيها خلافًا وأنها ضمن المساحة الخلافية أو المتغيرة، والحقيقة الظاهرة أن القول لم يأتِ من قراءة فقهية، بل من إسقاط خارجي على الفقه، حاول بعده أن يكسِّر في أبنية الفقه ومذاهبه وأقواله حتى يجد لهذا الدخيل مكانًا مناسبًا يجلس فيه فوقع بسببه في إشكالات أكبر.

مثلًا: ينفي وجود حدِّ الردة في الشريعة الإسلامية متأثرًا بضغط مفاهيم الحريات المعاصرة وأسئلتها فيحاول أن يبحث لها عن مذهب هنا أو قول هناك لكنه يصطدم بمثل قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من بدّل دينه فاقتلوه" (١) فيتملص منه بأنه


(١) أخرجه البخاري: ٩/ ١٥، برقم ٦٩٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>