للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشريعة في حرمة الربا، لكن القدرة على إقناع الناس بتحريم جميع صور الربا تحتاج إلى معرفة اقتصادية لا يحسنها أكثر الناس، فعدم قدرتهم على إقناعنا بتحريم الربا راجع لنقص كفاءتهم، فليس من المنهج العقلي السوي أن يحذف المسلم بعض أحكام الربا لأنه لم يستطع إقناع الناس بها، ولك أن تسرح بذاكرتك فتسحب منها أمثلة كثيرة تحتاج في سبيل الإقناع بها إلى فهمٍ جيد لعدد من العلوم المعاصرة.

ثانيًا:

لا يلزم المسلم أن يُبلِّغ الأحكام الشرعية لجميع الناس في كل زمان ومكان، فمن يدخل في الإسلام حديثًا لن تبلغه بجميع الأحكام الشرعية؛ لأن هذا قد يكون سببًا في تنفيره من الإسلام، وحين تدعو كافرًا إلى الإسلام فليس من الحكمة أن تشرح له كثيرًا من تفاصيل أحكام الإسلام، فهذه أحكام شرعية ثابتة ولا إشكال فيها، لكن قد يأتيها زمان أو مكان أو حالة معينة تقتضي أن لا تظهر الحكم خشية من المفسدة، ولهذا قال الصحابي الفقيه عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: (ما أنت بمحدثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة) (١). وقال الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه-: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب اللَّه ورسوله) (٢).

فموضوع الإقناع تراعى فيه الأزمنة والأمكنة والأحوال والأشخاص، فهو حالة منفكة تمامًا عن تحديد الحكم الشرعي، فهو حكم شرعي ومع ذلك لن تستطيع إقناع فئةٍ من الناس به.


(١) أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه برقم (١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>