للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المزاج العام، فهذا المزاج والجو العام عرضة للتقلبات السريعة والهزات العنيفة فلا يليق بمَن يعظَّم كتاب اللَّه وسنة رسوله (صلى اللَّه عليه وسلم) -خاصة من أهل العلم المؤتمنين على بيان الشريعة- أن يكون ضغط هذا المزاج مؤثرًا على تصوراته ومفاهيمه الشرعية.

إنك حين تتحدث عن قضايا شرعية فأنت تتحدث في الدين الذي يريده اللَّه للناس جميعًا، فلا تكن حبيس اللحظة الراهنة التي تعيشها، ولا أسير الفضاء الذي يحيط بك، فلعل من يقرأ كتابك ممن يعيش في أزمنة لاحقة وأمكنة مختلفة هم أضعاف من قرأه وكان متفهمًا لحالة القلق التي عاشها الكاتب، وربما هذا يفسر بعض حالات الشذوذ الفكري والفقهي التي نستنكرها ونتعجب من صدورها.

إن الرؤية التي تكون أمام منظار المسلم هي (البحث عن مراد اللَّه ومراد رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-) وخارطة التفكير لديه يجب أن تكون في كيفية السير خلف الدلائل الشرعية، والابتعاد عن أي صوارف عارضة.

فالمنهج الشرعي في إصابة الحق ليس مرتبطًا بالكثرة قال -تعالى-: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: ١١٦] وقال أيضًا: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)} [يوسف: ١٠٣] ومن المفاهيم المتقررة في وعي المسلم مفهوم الطائفة المستمسكة بالحق التي: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر اللَّه) (١) ومن مأثور الصحابة: (الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك) (٢) فرسوخ هذا المعنى في وعي المسلم يجعل البحث عن الحق هو المعيار الوحيد الذي يبدد كل المؤثرات التي تضغط على العقل المسلم.


(١) أخرجه البخاري برقم ٣٦٤١، ومسلم برقم ١٩٢٠.
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٦/ ٤٠٩، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ١/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>