والمجتمع الإسلامي في نظره ليس بحاجة لفصل الدين عن الدولة إنما يحتاج لفصل الدين عن السياسة:
(ما يحتاج إليه مثل هذا المجتمع هو فصل الدين عن السياسة بمعنى تجنب توظيف الدين لأغراض سياسية باعتبار أن الدين يمثل ما هو مطلق وثابت، بينما تمثل السياسة ما هو نسبي ومتغير، السياسة تحركها المصالح الشخصية أو الفئوية أما الدين فيجب أن ينزه عن ذلك وإلا فقد جوهره وروحه)(١).
الصورة الكلية لتطبيق الشريعة:
بعد هذا العرض التفصيلي نريد أن نبتعد قليلًا عن التفصيلات وننظر في الصورة الكلية لتطبيق الشريعة عند محمد عابد الجابري.
نهاية رؤية الجابري أننا سنعتمد على المصلحة، فما جاءت به فهو المعتبر، وما رفضته فهو غير معتبر، والمصلحة في رؤية الجابري ليست هي المصلحة بحسب الموازين الشرعية المعروفة عند الفقهاء، بل هذه المصلحة يمكن أن تتجاوز حتى النص القطعي.
وحين نعرف أن كل الاتجاهات العلمانية تبحث عن المصلحة، وهي إنما ترفض تطبيق الشريعة بدعوى مخالفتها للمصلحة المعاصرة، فإن رؤية الجابري في النهاية هي ذات الرؤية العلمانية، وهي سترفض تطبيق الشريعة لكنها هذه المرة بدعوى تطبيق الشريعة!
الفرق بين رؤية الجابري ورؤية كثير من العلمانيين، أن العلمانيين صرحوا بقبولهم للمفاهيم الحداثية المعاصرة وصرحوا برفضهم لما يعارضها من تطبيق